الثلاثاء، 29 ديسمبر 2009

خمس نصائح قبل اتخاذ قرار الطلاق

خمس نصائح قبل اتخاذ قرار الطلاق

خمس نصائح لإنعاش الحياة الزوجية
كثير من حالات الطلاق كان من الممكن تفاديها لو أن الزوجين صبرا قليلا، وقررا إيجاد حل عملي لما يواجههما من مشكلات. وتقول الكاتبة "ميشيل واينر ديفنز" في كتابها "علاج الطلاق" Divorce Remedy أنه لو كان الزوجان اللذان وصلا إلى قرار الإنفصال قد توفرت لديهما الوسائل العملية والمفيدة لحل مشكلاتهما بدلا من تحليل كل جملة قالاها لبعضهما أثناء الخلاف والغضب لما وصلا إلى نقطة الفراق واللاعودة!

وفيما يلي خمس قواعد وضعتها مؤلفة الكتاب المذكور لتقوية دعائم العلاقة الزوجية وحمايتها نم التأثيرات السلبية:

(1)
لا تتكلمي فقط، وإنما تصرفي أيضا:
كثيرا ما تتساءل النساء عما يمكن أن يفعلنه من أجل إنعاش العلاقة مع الأزواج؟ وللرد على هذا السؤال يقول الخبراء أن هناك حاجة إلى التصرف العملي إلى جانب التعبير الكلامي. وعادة ما نلاحظ أن النساء يملن إلى الكلام فيما يميل الرجال إلى الفعل. لهذا يستحسن أن تلجأ المرأة إلى العمل الإيجابي وليس الكلام فقط.

(2)
زيادة الأعمال الإيجابية الفعالة:
ينبغي التوقف عن ممارسة الأعمال التي لا فائدة منها، والإكثار من الأعمال التي تحقق نتائج إيجابية طيبة.
فإذا كانت أسعد الأوقات تظل عادة مع الزوج فإن على الزوجة الذكية أن تسأل نفسها: متى تكون هذه الأوقات؟ وكيف يكون أسلوب الكلام مع الزوج؟ وما هي الأشياء البسيطة التي تسعد الزوج وتنعش العلاقة؟

إن أفضل ما يمكن أن تقوم به الزوجة هو أن تقضي وقتا أطول ع الزوج (بقدر الإمكان). فالصداقة والمودة تتكونان عندما يجلس كل من الزوجين مع الآخر. والخروج معا في نزهة أو اللقاء ليلا في مكان رومانسي حسب موعد مسبق، أو ممارسة هواية مشتركة، أو مجرد الجلوس متجاورين أو ملتصقين... أمور تقرب بين الزوجين وتدعم أواصر العلاقة المقدسة.

(3)
الإقلال من الأعمال غير الإيجابية؟
لماذا تلجأ الزوجة إلى تكرار الأعمال التي لا تحقق نتائج مفيدة مع الزوج؟! إن هذا أمر غير مستحب، والمطلوب هو الابتعاد عن الأمور غير الإيجابية.
إن الزوجة قد تجد زوجها عنيدا أو حرونا في بعض الأحيان. والسبب في الغالب لا يرجع إليه وإنما إلى الزوجة نفسها لأنها لم تضرب على الوتر الحساس، ولم تتبع الأسلوب -أو التكتيك- المناسب. لهذا إذا شعرت الزوجة بأن عليها أن تتكلم مع زوجها بشأن موضوع يشغلها أو مشكلة ملحة تؤرقها فإن عليها أن تقف قليلا وتسأل نفسها: هل العبارات التي سأقولها له عبارات لائقة ومناسبة للموقف؟ وهل الكلمات التي سأنطقها ستحقق الهدف المنشود؟ وهل ما سأقوله أو أفعله هو أنسب شيء للتقريب بيننا ودعم العلاقة الطيبة؟. وإذا رأت الزوجة أن ذلك الكلام أو ذلك التصرف لم يحقق الغاية المطلوبة فإنه ن الضروري التوقف وإتباع أسلوب مختلف.

(4)
تذكري الأسباب التي من أجلها اخترت زوجك:
إذا كنت يا سيدتي تمرين بفترة صعبة مع زوجك فأعلمي أن حالة الاستياء بنفسك تجعلك تنسين الأوقات السعيدة التي قضيتها معه والخصال الجميلة التي أعجبتك فيه. ويقول خبراء العلاقات الزوجية أنه عندما يكون أحد الطرفين غاضبا فإنه يركز تفكيره فقط على الأخطاء بدلا من التفكير في الأشياء الطيبة المشتركة واسترجاع الذكريات الجميلة وزيارة الأماكن التي تذكر الزوجين باللقاءات السابقة العزيزة على النفس والتي تعاهدا فيها على العيش معا حتى نهاية العمر.

(5)
المحافظة على مشاعر الحب حتى في أصعب الأوقات:
زوجات كثيرات يقلن أحيانا: "لقد أحببته.. لكنني لا أحمل له نفس الشعور الآن!". والكلام هنا عن الزوج طبعا!
لمثل هؤلاء الزوجات نقول أن أسعد الزيجات تتعرض أحيانا لضغوط وتجارب صعبة، وهذه هي طبيعة الحياة. ويقول الخبراء أن عهد الحب والوفاء لا بد أن يستمر بصفة يومية. وهذا يحتاج إلى قرار من الزوجين. وهذا يعني أن استمرار الحب يعتمد على نية الزوجين وإرادتهما، وهما اللذان يقرران القيام بالتصرفات التي تقربهما من بعضهما البعض باستمرار. والزوجان اللذان يفقدان مشاعر الحب هما اللذان قررا ذلك، وجعلا الأمور تتدهور بينهما إلى درجة فقدان السيطرة، دون أن يحرصا على منح العلاقة المشتركة الأولوية المطلوبة في جدول الاهتمام. ونقول لهؤلاء الأزواج أن الذين يقررون إنهاء الحب قادرون على إعادة اكتشافه والاهتمام به مرة أخرى!

غيري من نمط حياتكِ يا زوجتي

هذه وسائل هامة نفذتها زوجة مع زوجها فكسبته فحاولي أنتِ أن تكوني مثلها ، وتذكري أن أعظم وسيلة تقوى الله تعالى تقول:

1-
أتصل به عند تأخره في العمل وأسأل عنه

2-
أمدح الأشياء التي اشتراها

3-
أعمل الوجبة التي يحبها

4-
أغير مكان الأثاث في المنزل بين فترة وأخرى

5-
أعمل مسابقة بيننا للجلوس لصلاة الفجر

6-
أذكره بأعماله في الصباح

7-
أشركه في همومي وأخذ رأيه

8-
أطيبه وأبخره بين حين وآخر وخاصة يوم الجمعة

9-
أكون منطقية في طلباتي وأتذكر دائما المثل الذي يقول: (إن المرأة لا تريد إلا الزوج فإذا حصلت عليه أرادت كل شيء).

10-
أحرص أن أتعلم كل جديد من طبخ وهواية وفن حتى يرى مني كل يوم جديدا

11-
إحياء مفهوم ( نحن لا نختلف على الدنيا ) فلا نختلف على تسمية مولود أو قطعة أثاث أو نوع طعام

12-
التغيير الشكلي أمامه بين حين وآخر كقص الشعر ووضع المكياج وغيرها (إن هو يحب ذلك).

عندما تهتز الثقه بين الزوجين

أَيُّنا لا يخطئ ؟! من يقول: إنه معصوم من الزلل؟! لكن لو تجاوز الأمر المعتاد هل نتحمل حرصًا على المشاعر القديمة والعشرة وحرصًا على الصورة الناصعة لدى الأبناء ؟ أم كما يفعل البعض: يتهدم المعبد فوق رأس الجميع، وليكن بعدها ما يكون ؟!

شيء ما ينكسر :
م. م. 39 عامًا – مصر، تقول: المرأة منشغلة بتربية الأبناء، والبيت، والطلبات، والضغط عليها لا ينتهي، خاصة حينما تكون عاملة، تنبهت لزوجي وقد تغير، بحثت وعرفت أن السبب هو السكرتيرة، فهي صغيرة وتراه رجلاً له وضع اجتماعي، تريد أن تبدأ السُّلَّم من حيث انتهيت أنا بعد كفاح، زدت من جرعات اهتمامي به، أقنعته بأن يأتي بأخرى متزوجة ومتدينة، وذلك في هدوء وصبر وبتلميحات فقط، لكن الثقة اهتزت ولا شك.

خالد سالم 37 سنة/ مهندس - الكويت، يقول: بعد 8 سنوات من الزواج اكتشفت أن زوجتي تتلصص على أوراقي ومستنداتي، وفي أحد النزاعات طالبتني بأن أسجل أرضًا اشتريتها باسمها حتى لا يكون لأهلي من بعدي فيها نصيب؛ لأن ذريتي كلها بنات؛ فأدركت أنها تقرأ أوراقي ومستنداتي، وصرت أحتفظ بها في المكتب، المشكلة أنني فقدت الشعور بالثقة و"السكن" الذي كان من قبل وما زال بداخلي صدمة، لكنني كتمت الأمر ولم يخرج للآخرين.

م.ر. مهندسة – 33 سنة/ مسقط، تقول: زوجي أصَرَّ أن أتعرف على زميلته في العمل، وأن تدخل بيتي، وأن تصير صديقتي، لكنني لاحظت جفاءها وتشككت، وما لبث أن بدأ في انتقاد مظهري ومقارنتي بها، ثم اكتشفت أنه عرض عليها الزواج، وأصررت على الطلاق فتراجع وعاد لوعيه، وغفرت له، لكن شيئًا ما انكسر بداخلي، رغم أنه يحاول بشتى الطرق أن ينسيني هذه الزلة لكنني لم أَنْسَها له.

د.م. الشرقاوي - طبيب/ مصر: فوجئت أن زوجتي تفشي أسرار خلافاتنا للغير، ففي حين أكتم أنا تذيع هي بين الصديقات الأخبار، فلم أَعُد أشعر بالاستقرار معها.. لكن أطفالي لا يستغنون عن أمهم، والزواج الثاني ليس شائعًا في وسطنا.. لكنني جريح.

هل نملك أن نتسامح؟
د. سيد صبحي – رئيس قسم الصحة النفسية بكلية التربية جامعة عين شمس- يبدأ كلماته قائلاً: كان الله في عون زوجة تكتشف خيانة زوجها، فهي زوجة مطعونة في كرامتها، ثم يردف: ولكن ينبغي أن نُسَلِّم أن معظم الرجال ليسوا كذلك، بل المفترض والأصل أن الرجل العاقل على النقيض من ذلك تمامًا، أما مع ضعف الإيمان، واهتزاز القيم والدين يحدث أن ينحرف بعض الرجال، هنا ينبغي أن تتوقف الزوجة فور اكتشافها خيانة زوجها وقفة مع نفسها أولاً قبل أن تكون معه، يجب أن تسأل نفسها: ما الذي دفعه في هذا الطريق؟ قد تكون هي نفسها – دون أن تقصدالمسئولة، تبحث في نفسها هي – قبل كل شيء – عن أسباب غدره، فالزوجة الحكيمة تعرف كيف تصون عين زوجها، فلا تقع عينه عليها إلا وهي في أحسن هيئة، دائمة التقرب إليه، لا تسمح له أبدًا أن ينشغل عنها فيدور في فلك امرأة أخرى، إذا فعلت هذا فلقد سَدَّت عليه كل فرص الخيانة، وإلا فهي مقصرة في حقه، مع تسليمنا بأنه ليس من حقه أن ينحرف بالطبع.

أما إذا ما كانت هناك من تشاغله: من هي أصغر سنًّا، وأجمل، مع انشغال الزوجة بالأبناء، وأعباء المنزل، وعملها، والأخرى انتهزت الفرصة فالزوجة يجب أن تعرف أولاً أن زوجها لديه الاستعداد من الأساس لهذا الفعل، منذ اختيارها له كان من الواجب أن تضع هذا الأمر في ذهنها، حين يحدث هذا الأمر مرة أو مرتين بعد حسابها لنفسها عليها أن تواجهه بهدوء، وبعيدًا عن الأولاد، ودون أن يعرف الأهل، تسأله: ما الذي دفعك لهذا الأمر؟ وماذا ينقصك؟ تعطيه فرصة للتراجع بكرامة.. أما عمًّا يُسمَّى بأزمة منتصف العمر "المرأة 45 عامًا – الرجل 50 عامًا" وأعراضها أن يفقد الرجل اتزانه ويهرول خلف الصغيرات، فإن الدين علمنا أن التقدم في العمر لا يعني العودة للمراهقة، ينبغي أن يكون التقدم في السن دافعًا لنضج العقل لا لنقصه!.
وفي النهاية يُحَذِّر د. صبحي المرأة من الشدة في معاملة زوجها إذا ثبت لها أنها نزوة عابرة، أو لحظة خلوة مع سكرتيرة أو عاملة، عليها أن تقطع خط الرجعة لتلك الأمور، كي لا يتمادى فيها، وأيضًا تحذره إذا ثبت أنه خائن، معتاد للخيانة، فلا بد من وقفة ولو أدت للتحكيم.. واستدعاء الأسرة الكبيرة من الطرفين.

الصلح والنصيحة:
د. أحمد يوسف سليمان أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم يقول: يقول الله تعالى: "فَعِظُوهُنَّ".. إذا أخطأت الزوجة فليُذَكِّرْها الزوج إذا تكرر السلوك المعوج أنها راعية ومستأمنة، وأن الأم قدوة، ولا ينبغي أن يَمَلَّ، وليتذكر قوله تعالى: "وَالْمُؤْمِنُوْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُوْنَ بِالْمَعْرُوْفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر…"، كيف وهو ليس مؤمنًا فقط بل زوجها.

والمصارحة أساس المصالحة والتقويم والعودة للحق وعودة المشاركة الوجدانية حتى تظل الأسرة موطن السكن والمودة والرحمة.

ذكريات الحب الأول

لا أعرف من أين أبدأ قصتي، لقد عشتُ قصة حب قوية بيني وبين فتاة دامت ثماني سنوات كاملة، عشنا خلالها أجمل قصص الحب العفيف.. وبنيْنَا خلال هذه السنوات الأحلام الكبيرة، وأصبح كل شخص فينا يكاد يحفظ الآخر عن ظهر قلب.. ولكن القَدَر حال دون أن نكمل المشوار، فعندما حان الأوان لكي نرتبط ببعضنا إذا بالمشاكل العائلية تندلع بين الأقارب؛ لتسفر في النهاية عن
الفراق.. وآهِ من الفراق!
بعد مضي حوالي شهر قام أهلها بتزويجها من شاب لا تحبه؛ وذلك لإرغامها على نسياني، وانتقامًا من أهلي.. ونظرًا لتلك الظروف قمتُ بدوري بخطبة فتاة؛ لعلي أخرج من واقعي التعيس كما بدا لي.. ولكن كما قال الشاعر:
نَقِّل فؤادك حيث شئتَ من الهوى فما الحُبُّ إلاَّ للحبيب الأولِ

ولكني لم أجد ضالتي؛ فإحساسي ما زال للحبيبة الأولى، وأشعر بأنِّي أخادع نفسي أولاً، وخطيبتي ثانياً، حتى في كلامي معها ومشاعري تجاهها؛ فكل كلمة أقولها لها مكررة على لساني ألف مرة لحبيبتي السابقة، أما الآن فليس لها أي معنى، أي وكأنني أقوم بواجبي فقط كزوج مستقبل...

وأطلب الآن أن تشيروا عليَّ برأيكم في قصتي هذه، وخاصة أنني سأرتبط قريبا، وأخاف أن أكون ظالما لزوجتي في حياتي معها، ولا أجد متعة الحياة الزوجية التي كنت سأجدها مع حبيبتي السابقة.. فهل أستمر في ارتباطي بخطيبتي عسى أن يحدث ما يُسمَّى (بالحب بعد الزواج)، أم أقرر إنهاء العلاقة بالبحث عن حل آخر ريثما أتخلص من ذكريات حبيبتي السابقة؟! خاصة وأن قضية الخروج من واقعي عن طريق ارتباطي بأخرى قد فشلت.. أرشدوني هداكم الله.

الجواب
إن بيت الشعر الذي أوردتَه في رسالتك ليس قرآنًا يتلى، أو قاعدة مطلقة، وإنما هو حالة شعورية عاشها قائل هذه الأبيات، وربما كان يعيش حالة مثل التي تعيشها أنت الآن، ولكن سرعان ما تجد هذه الحالة قد تغيّرت، ولو قال شعرًا لقال شيئًا آخر؛ لأن هناك آخرين قالوا: "إن في حياة كل منا وهْمًا كبيرًا اسمه الحب الأول"، ونحن هنا نقول على هذه الصفحة دائمًا: إن البعض يعتقد أن الحب هو طلقة واحدة يطلقها القلب، ثم لا تنطلق مرة أخرى، وهذا أيضا أمر غير صحيح؛ حيث إن العاطفة تتميز بالتبدل والتغير، والرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- يقول: "أحبب حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما"..

المشكلة أننا لحظة الفراق نتخيل مشاعرنا التي نشعر بها في هذه اللحظة لن تتغير ولن تتبدل، ولكننا لا نعطي لأنفسنا الفرصة المناسبة حتى يقوم الزمن بفعله في أن ننسى ونتعود على حياتنا الجديدة، والتي كنا لا نتصورها بغير الحبيب..

إن تغير مشاعرنا، وهدوء هذه الانفعالات يحدث مع مرور الزمن، ولكن في بطءٍ لا يلحظه الإنسان إلا إذا غاب عن ملاحظته والتفكير فيه مدة معقولة من الزمن، مثل الطفل الصغير الذي ترعاه أمه وهو يكبر أمامها، وهي لا ترى ذلك وتتخيله كما هو.. حتى إذا جاء شخص غريب لم يره من مدة لاحظ هذه التغيرات في نمو الطفل، ونبه الأم إليها، وهي متعجبة لكونها لم تلحظها، وهذا ما يحدث في الصدمات العاطفية؛ حيث يزول أثره تدريجياً، وتخفت العاطفة، ولكن يجب أن يعطي الإنسان لنفسه الفرصة لحدوث ذلك؛ فلا يظل يثير الذكريات في نفسه، ويصر على أنه لن يستطيع أن ينسى أو يتخلص من هذا الحب؛ لأنه يصعب المهمة على نفسه بدون داعٍ، خاصة إذا كانت حالته مثل حالتك، وقد تزوجت محبوبته السابقة، وانتهى كل أمل في العودة إليها، أو الارتباط بها..

إذن فلا داعي للتعذيب، وتقليب الذكريات وإثارتها، وتذكر الكلمات، فنسيانك هو الحالة الطبيعية التي عاشها كل البشر الذين تعرضوا لمثل تجربتك ملايين المرات، ولن تشذ أنت عن هذه القاعدة، فستحب ثانية ولا نقول ثالثة ورابعة، وستسعد مع مَن تحب، وسيكون حبًّا أكثر نضجًا، ولكن أعطِ لنفسك الفرصة، لا نقول لك: أسرعْ بالزواج، ولكن نقول: أعطِ لفترة الخطوبة حقها من الوقت، وأعطِ لنفسك الفرصة لتحب خطيبتك، وأعطها الفرصة حتى تحبك في نفسها؛ لأن ذلك سيحدث.. وطالما ارتبطتَ، ووجدتَ مَن يقبلها عقلك؛ فلماذا لا تعطي الفرصة لقلبك، وتفسح لها مكانًا؟!.. خَلِّ قلبك من الذكريات، وستحتله هذه الحقيقة، بدلا من الأوهام والخيالات.. لا نقول حبًّا بعد الزواج، ولكن حبًّا في أثناء الخطوبة.

علاقات ما قبل الزواج - وعذاب الضمير

أنا امرأة متزوجة منذ ست سنوات ولديَّ طفلان. أعاني من تأنيب الضمير كل يوم؛ لأني قبل زواجي كنت على عدة علاقات أخرى مع عدد من الرجال فكيف أتصرف الآن مع زوجي؟ هل أصارحه؟ أم أعتبر أن هذا من الماضي وأقفل عليه مدى الدهر وأنسى؟

هل الله سوف يسامحني على ما فعلته سابقا ؟ أفيدوني يرحمكم الله.

الجواب
لقد منّ الله عليك بالزواج منذ ست سنوات، ومنّ عليك بالذرية الصالحة فرزقك طفلين.. وكما فهمنا من رسالتك فإن ما كان من علاقات كان سابقا على الزواج ومنذ تزوجت وأنت مخلصة لزوجك ولبيتك وهذا من علامات التوبة الصادقة (الإقلاع عن الذنب، وعدم العودة إليه) فلماذا نبش الماضي الآن؟!.

إن الله يقبل التوبة عن عباده.. وإن الحسنات يذهبن السيئات.. وإن الله يفرح بتوبة العبد ويباهي الملائكة بالعبد التائب المستغفر قائلا: "لقد علم أن له ربا يتوب إليه.. أشهدكم أني قد غفرت له...". والرسول حذرنا من "أقبح الذنب" وهو الذي يرتكبه الإنسان فيستره الله عليه فيصبح ليحدّث الناس بما ستره الله عليه.

لقد كانت فترة في حياتك وانتهت، وتبت عنها وفعلت صالحا منذ الزواج، فلماذا تنغصين عيشتك وعيشة زوجك إذا أخبرته بذلك؟, لن يترتب على هذه المصارحة أية نتيجة عملية إلا أنك تزرعين الشك في نفس زوجك بدون داع.. فلماذا التصرف الذي ليس له أية إيجابية؟ وستكون احتمالات السلبيات الناتجة عنه أصعب مما نتصور..

أخلصي لزوجك ولأولادك واعلمي أن نجاحك في حياتك الزوجية من علامات قبول التوبة ورضاء الله عنك.. وانسي الماضي تماما.. ولا تحاولي حتى أن يمر بذاكرتك إلا للعظة والعبرة واحمدي الله على نعمة الهداية.. ونرجو أن ينتهي الأمر عند ذلك ويصبح مجرد فكرة وتنتهي، ولا داعي لأن يتحول الأمر إلى "وسواس قهري" يشغل تفكيرك بدون داعٍ.. لذا إذا نجحت في التخلص منه فهو الخير كله..

وإذا فشلت وظلت الفكرة تلح عليك فراجعي اي طبيب نفسي فربما يكون الوسواس الذي يحتاج تدخل الطبيب النفسي بالعلاج النفسي والدوائي.

نسأل الله أن يسعدك بزوجك وأولادك.. وأن يبارك لك فيهم.

هروب الفتيات.. أزمة مجتمع

مضمون هذا العنوان يحمل وجهاً آخر وهو عزلة النشء الجديد عن محيطه الاجتماعي الأضيق والأوسع أي العائلة والمجتمع. وفي مناقشة هذه الظاهرة تحديداً لدى الفتيات، تأخذ المسألة بُعداً آخر أكثر تعقيداً؛ نظراً لتعدّد الأسباب وتنوعّها، وخصوصية الوضع الذي تعيشه النساء عموماً في مجتمعاتنا.

أولاً: إشكاليات الثقافة السائدة في مجتمعاتنا العربية:
فالثقافة عندنا مرتبكة بين الأصولي الشرعي والموروث التقليدي، والجديد المتنوّع الذي قفز على رؤوسنا بسرعة معلوماتية هائلة. ومن المفترض أن تُحْدِث الثورة المعلوماتية قفزة إلى الأمام في واقع ومستقبل أيّ مجتمع متوازن، ولكن الذي حدث عندنا هو وجود فجوة واسعة بين تراث فكري وعلمي وإنساني هائل لا يتمّ التعامل معه بفهم موضوعي، ولم يراكم عليه أصلاً وفي كثير من الأحيان يجري التنكّر له، وبين الجديد الذي تناولناه كما هو بآلياته وتقنياته وسرعة انتقاله من عصر إلى عصر آخر.
فالعائلة المتوسطة العربية تتعامل مع الجديد بسرعة وتفاخر، ولكن دون تدقيق أو مراقبة، أقصد مع وسائل الإعلام والمعلومات الرئيسة والمسموعة فنجد كثيراً من العائلات تقتني جهاز الكمبيوتر موصولاً بالإنترنت، والأطباق الفضائية، وكلاهما يفتح بابًا على ثقافات شديدة التنوّع، وليس بالضرورة أن تكون جميعها مفيدة؛ أما النشء الجديد فقد تعلّم بسرعة خارقة كيفية استعمالها والتلهّي ببرامجها على اختلاف ثقافاتها ومستوياتها دون مراقبة وتوجيه من الأهلالجيل المسؤول عن النشء الجديد -، الأمر الذي حوّل فئة من هذا النشء إلى أَسْرَى لمعالم الإنترنت، يستقبلون فقط ولا يساهمون في شيء إلا بصورة محدودة وعلى محطات الرسائل الشخصية… إلخ، فقط المراكز المختصّة، ومجالات العمل العام هي التي تستفيد من هذا الجديد، توجّه له وتستقبل منه أيضاً، أما ونحن نتحدث عن النشء الجديد، فالتعامل مع التقنيات المعلوماتية الحديثة تأخذ مستوى آخر، بحاجة ماسّة إلى يقظة اجتماعية.
وليس المقصود هنا هو حرمان هذه الفئة من التعامل مع الجديد، ولكن توجيهه وعدم التسليم بكونه أداة هروب من الواقع، أو التوهُّم من قبل الأهل بأن الأطباق الفضائية والإنترنت أدوات حصانة للفتيات – من الطبقة المتوسطة تحديداً - من الاحتكاك بالعالم الخارجي والمجتمع الأوسع.

ثانياً: الفقر والتواصل بين أفراد الأسرة:
لا حاجة بنا لإثبات هذه الظاهرة التي تفاقمت في السنوات الأخيرة في عدد من البلدان العربية، بسبب السياسات الاقتصادية التابعة وغير المستقلّة، الأمر الذي أدّى إلى ما يشبه حالة الانهيار في شرائح واسعة من الطبقات المتوسطة في مجتمعاتنا العربية، وانعكس ذلك بصورة حادة على مستوى المعيشة بكل عناصرها: الغذاء، والتعليم، والصحّة. وفي تداعيات هذا الانهيار اضطرّت أعداد واسعة من الفتيات للذهاب إلى سوق العمل دون وجود ضمانات صحيّة أو اجتماعية أو تأهيل مهني كافٍ وبأجور زهيدة، ناهيك عن ترافق هذه الظاهرة مع حالة التسرّب من الصفوف الابتدائية والإعدادية، ونضيف لكل هذا عدم وجود حصانة ثقافية وقيمية كافية لدى هؤلاء الفتيات.

وفي إحصائية أُعدَّت من قبل وزارة العمل الأردنية لتقرير عام 95 في مؤتمر بكين تبين أن نسبة الفتيات العاملات للفئة العمرية بين 15 - 19 سنة هي 20% من مجموع العاملين في المصانع، والفئة العمرية بين 20 – 24 سنة هي 35% من مجموع العاملين في المصانع والشركات.

-
ولعلّ النتيجة الأقل خطراً لظاهرة الفقر هي خروج الفتيات الصغيرات إلى سوق العمل دون تأهيل مهني أو ثقافي، ولكن النتائج الأوسع تنعكس على الفتيات وتكريس ظواهر مختلّفة مثل الزواج المبكّر قبل النضوج الجسمي والنفسي، وارتفاع نسبة وفيات الأمهات والأطفال؛ وانتشار نسبة فقر الدم بين النساء الحوامل؛ أو ارتفاع نسبة الانحراف وبالتالي شيوع رد فعل قوي كظاهرة ما يسمّى بجرائم الشرف. وقد بيّنت دراسة أعدها الملتقى الإنساني لحقوق المرأة – في الأردن – في حزيران 1998م أن معظم الفتيات اللاّتي يقعن في هذا الشّرك، يعشن في مناطق فقيرة وعدد أفراد أسرهن تتراوح بن 6 – 8 أفراد، وعدد الغرف يتراوح بين غرفة إلى غرفتين في المنزل. اللافت للنظر أن الدراسات والأبحاث والندوات جميعها تركِّز على نتائج الانحراف وهي القتل وتعرّض الفتيات لما يسمّى بجرائم الشرف من قبل ذويهن؛ ولكن أيًّا من هذه الدراسات لم تتعرض للأساس الاقتصادي والثقافي والأخلاقي الأعمق لانحراف الفتيات الصغيرات على الرغم من وجود التهديدات العائلية والاجتماعية.

ثالثًا: ارتفاع نسبة الأمية:
ففي الاجتماع الثاني لوزراء الشؤون الاجتماعية العرب الذي عقد في بيروت، برعاية منظمة "لاسكوا" في نهاية عام 1998م عرضت تقارير الدول العربية نسب الأميّة بين النساء، كانت مفجعة حقًّا في بعض البلدان، وبحاجة إلى خطط جديّة من أجل القضاء عليها تدريجيًّا، كما حصل في اليمن مثلاً. ففي السودان بلغت نسبة الأمية بين النساء – المصرح بها رسميًّا 45%، وفي فلسطين 18% وفي الأردن 25%. إن انتشار هذه الظاهرة يفرض بدوره نمطاً متخلِّفاً في العلاقات الأسرية والمجتمعية، ولا يتيح مجالاً صحيًّا للتربية والمعافاة للنشء الجديد. وإذا ما أخذنا بالاعتبار أن نسبة الأميّة بين الفتيات الصغيرات أنفسهن في الريف وضواحي المدن والقرى الفقيرة واسعة جدًّا، فإن أحد مكوّنات الثقافة الحية، تكون قد فقدت أصلاً، ناهيك عن المستقبل المحكوم سلفاً لمثل هؤلاء الفتيات نتيجة لذلك.

رابعًا: الاتفاقيات الدولية:
معظم الدول العربية وقّعت على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1989م، وتدعو هذه الاتفاقية إلى أن "تحترم الدول الأطراف، الحقوق الموضحة في هذه الاتفاقية وتضمنها لكل طفل يخضع لولايتها دون أي نوع من أنواع التمييز بغض النظر عن اللون والجنس واللغة والدين والرأي السياسي أو الأصل القومي الإثني أو الاجتماعي أو أي وضع آخر"، ولكن الواقع في كثير من مجتمعاتنا يشير إلى أن الطفلة تقع ضحية التمييز السلبي في العائلة منذ المراحل الأولى لحياتها، حيث تجري تنشئتها في مكانة أدنى، وهذا يجعلها تسلك اتجاهاً تنازليًّا على مدار العمر ينطوي على الحرمان والانعزال وعدم المشاركة الإيجابية في الفعاليات الاجتماعية وقيادة التغيير والتقدم والرفاهة جنباً إلى جنب مع الرجل.

خامسًا: الشورى و الديموقراطية داخل الأسرة العربية:
والمقصود هنا هو مدى ما تتمتع به المرأة من قدرة على اتخاذ القرار، في الشأن الاقتصادي والتربوي والاجتماعي وعلى قاعدة المشاركة مع الرجل وجميع أفراد الأسرة. ونحن هنا نتحدث عن الغالبية العظمى وليس عن الشرائح الاجتماعية المتعلمة، حيث الفتيات مهملات تماماً وسط الأسرة كبيرة العدد، والأمّ دورها محصور في تقديم الخدمات لأهل البيت، وغالباً ما تعكس الأسرة صورة سلبية جدًّا عن العلاقة بين الرجل والمرأة... وهكذا... وحتى لو توفرت هنا فرص التعليم الممكن، والغذاء المعقول فإن التربية النفسية القائمة على السّلب وتكريس العجز وعدم تنمية طاقات جميع أفراد الأسرة دون تمييز، كل ذلك يضع المرأة.. والفتاة الناشئة أمام حقيقة مؤملة تصبح حيالها أمام خيارين إمّا التسليم بالأمر الواقع، وإما التمرّد غير المنظم الذي غالباً ما يؤدي إلى الانحراف بشكل أو بآخر، أو الهروب... إلخ.

إن تنمية اتجاهات الفتيات منذ النشأة الأولى على ضرورة المشاركة في الحياة الاجتماعية والعامة، وتوفير مجالات صحيّة ومعافاة للاحتكاك بمشكلات المجتمع وتعليمها كيفية التعامل معها والمساهمة في معالجتها، أمرٌ في غاية الأهمية، ومن شأنه أن يؤسّس لطريقة إيجابية في التفكير الناضج مستقبلاً.

سادسًا: غياب الاهتمام بالشباب:
وهذا أمر ملحوظ في بلداننا العربية، التي أصبحت طاردة لفئات الشباب وميدانًا للإحباط المتواصل بسبب الحجم الواسع للبطالة، وارتفاع تكاليف المعيشة، وقلة وسائل تنظيم الطاقات وتصريفها بطريقة إيجابية: مثل الرياضة والنوادي والحدائق العامة المتاحة للجميع، والمراكز الثقافية... إلخ.

وختاماً فإن كلمة السِّر دائماً هي الديموقراطية/ الشورى الاجتماعية: فبالقدر الذي تتوفر فيه عوامل إشاعة الشورى والحوار بصورة مؤسّسية ومنظمة، بالقدر الذي يمكن معالجة ظاهرة هروب الفتيات مثلاً بصورة موضوعية ودون إثارة متعمدة ضد النساء، وبقدر ما يكون هناك حقوق رفاهة اجتماعية في حدها الأدنى وعدل في المال والخدمات ووسائل الحياة ومقوماتها للآباء وللشباب بقدر ما يتوفر مناخ مادي ومعنوي لاستقرار عادل في الأسرة والمجتمع.

يا رجل.. أفصح عن حُبِّك

لي صديق يعمل عملاً إداريًّا يحتاج فيه إلى توقيع عدد هائل من الأوراق كل يوم، وكنت ألحظ توقيعه فأجده يتبادل التوقيع بشكلين مختلفين بين الفترة والأخرى، ولما سألت عن سر ذلك وعن أن أحد التوقيعين لا يمت لحروف اسمه بصلة، فأجابني بخجل وعيناه تفضلان عدم لقاء عينيَّ: إنني في أحيان كثيرة أشتاق إلى زوجتي، وأستشعر فقدها، وأتلمس لقياها، فسألته: أمن طول غياب؟… فأجابني بالنفي وقد زاد إطراقًا: والله إني لأفتقدها مع أنها تكون قد ودعتني إلى عملي في الصباح، بعد إفطار شهي وشاي صبوح وحوار دافئ، وأنا أعبر عن ذلك الفيض من المشاعر المنثالة بأن أوقع باسمها أو أجرى مكالمة هاتفية معها أبثها تحية سريعة أو كلمة حب خاطفة وسط نهار ازدحم بأعباء العمل.

وتعجبت لشدة إنسانيته وسمو عاطفته وتوهجها، خصوصًا إذا علمت أن هذا الصديق تعدى الستين من عمره، ومضى على زواجه أكثر من 35 عامًا، كما تعجبت لخجل الرجل وحرصه البالغ على إخفاء هذه الحقائق؛ ولأنه صديقي ولأني أعرفه جيدًا فلم أفسر خجله هذا بأن هذه خصوصية يريد إخفاءها، ولكنني فسرته بأنه الخجل من إظهار هذا الحب؛ لذا فقد علقت على هذا الموقف قائلاً: إن هذه المشاعر لهي مشاعر مشرفة تستحق أن تعلن وتبرز ويشار إليها ويشاد بها، لا أن تُكْبَت وتُخْفى وتُسْجن في أقفاص الصدور.

جرَّني ذلك للتفكير في طبيعة عقلياتنا المترددة أمام هذا الأمر، وهو ذكر الحب والإفصاح عنه، فقد شاع عندنا -لا أدري لأسباب تربوية أم أخلاقية- أن الإفصاح عن الحب ضعف، وأن من الكبرياء والكرامة تعمد عدم ذكر هذه العاطفة للطرف الآخر، وإذا فهمنا دوافع الكتمان بين المحبين الذين ليس ثمة رابط شرعيّ بينهما، فإننا لا نفهم -فضلاً عن أن نتفهم- أن يظل الزوجان يدوران في فلك الكتمان، بدعوى الكبرياء والحفاظ على الصورة السامية لكل طرف في عين الآخر لأنه من العيب!!، أن يضبط أحدهما وهو ينفس عما يعتمل داخله من رومانسية رقيقة أو عواطف رقراقة صافية، وكم من حب ضاع بين مفاهيم السمو الخاطئة وبين معاني الكبرياء والكرامة، وبين سوء حصر العلاقة بين الزوجين إلى علاقة الفراش فحسب، فتكون النتيجة أن يبحث أحد الطرفين أو كلاهما لمن يشبع فيهما الاحتياجات الأخرى: الحنان الضائع والرومانسية المفتقدة من كلمات ناعمة، وشموع مضاءة، ونظرات مودة ورحمة.

وإذا كانت هذه ثقافة مجتمعنا العربي تجاه هذه القضية فإن ثقافتنا الإسلامية الأصيلة لا علاقة لها بهذه "الفبركات" التربوية وإنما بها جوانب أخرى نستعرضها.

الله سبحانه وتعالى صرح بحبه لبعض فئات البشر "المؤمنين، المتوكلين، التوابين، المتطهرين"، كما صرَّح بحبه وتزكيته لبعض الأفعال والصفات الإنسانية: "إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفًا …"، وإذا كان في أمر التصريح بالحب ضعف أو نحوه لما صح ذلك في حق الله -سبحانه وتعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، والقرآن يصف أرقى علاقة قلبية في الكون، وهي علاقة الخالق القادر بالمخلوق الطائع بقوله سبحانه :"يحبُّهُم ويحبُّونَه".

وسيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهي البيان العملي للإسلام تشهد بعكس ما توارثناه في مجتمعاتنا، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أوصى بنشر هذا الحب، ونشر ثقافة الإفصاح عن الحب حينما أخبره أحد صحابته أنه يحب فلانًا، فسأله: أأخبرته؟ قال: لا، قال: إذن فأخبره".

ولا شك أن الإفصاح عن الحب يعمق الروابط بين القلوب، كما يؤكد على المشاعر التي قد لا يشعر بها البعض أو لا يُقدّر حجمها -وهي مكنونة في الصدور- إلا إذا أظهرها اللسان وعبَّر عنها، والأمر لدى الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- ليس وسيلته الوحيدة اللسان ولكن الهدية وسيلة، "تهادوا تحابوا"، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم"، والصحابة -رضي الله عنهم- في شوق يسألونه بلى يا رسول الله .. قال : "أفشوا السلام بينكم"، وإذا كان أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم - بالإفصاح بين الصحابة –رضي الله عنهم- بعضهم البعض، فهو في معاملته لأزواجه كان نموذجًا فريدًا .. فهو يقرأ القرآن في حجر عائشة، ويلعق أصابعها بعد الأكل، ويغتسلا سويًّا في إناء واحد، ويتسابقان خلف القافلة حيث لا يراهما أحد .. ويدللها ويناديها: يا عائش .. كيف نصف هذه اللحظات؟؟ إنها رومانسية فائقة، لحظات من الحب النادر، لم تمنعه أعباء الدعوة، ولا تبعات الجهاد، ولا مكر الأعداء، ولا الوقوف الدائم بين يدي الله من أن يكون عاطفيًّا يتفنن (صلى الله عليه وسلم) في إظهار مشاعره في كل لفتة أو همسة، لم يخش أن يوصف بالإقبال على زوجاته أو إظهار حبه لهن !! لسبب واضح أنه ليس عيبًا بل درسًا يُعَلَّم..

ولله تأمَّل موقفه صلى الله عليه وسلم وهو معتكف في المسجد، تأتيه زوجته المحِبَّة "صفية" – رضي الله عنها - توصل له طعامًا أو تأنس بالحديث معه، ثم إذا خرجت لم يتركها تذهب وحدها وإنما قطع اعتكافه، ولم يمنعه وجوده بين يدي ربه من أن يخرج ليمشي معها قليلاً ويوصلها إلى بيتها، في حديث متصل حميميّ، ومشاعر نابضة لا تنقطع، ولم يخشَ أن يقال إن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج من معتكفه وقطع عبادته؛ لأنه لا يخشى في الله لومة لائم، ولكن حين يقابل بعض صحابته يُعْلِمْهم ويعَلِّمهم: هذه صفية .. هذه صفية.

والرسول صلى الله عليه وسلم مع كعب بن مالك -أحد المخلفين الذي أمر الله بمقاطعة الأمة المسلمة لهم جميعًا- له أمر عجيب يدل على مدى حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحابته الكرام – رضوان الله عليهم -، واستعمال وسيلة النظرة الحانية في إظهار هذا الحب يقول أبي: "إنني كنت أجلس مع الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته في المسجد، يُهَيَّأ إليّ أن الرسول صلى الله عليه وسلم ينظر لي، وحين ألتفت إليه أجده أشاح بوجهه كأنه لا ينظر إليّ.

فالرسول صلى الله عليه وسلم يقع بين أمرين حبه لكعب، وحرصه عليه، وشفقته من عدم احتماله للمقاطعة العامة ذلك من ناحية، ومن ناحية أخرى أمر الله تعالى بالمقاطعة وعلمه صلى الله عليه وسلم أن ذلك الأمر أصلح تربويًّا ونفسيًّا لأبي، والرسول صلى الله عليه وسلم يُفْهِمنا أن النظرة الحانية وسيلة ساحرة، وأن صدق أشعتها ينفذ إلى القلوب حتى ولو لم ترها العيون.
وللصحابة رضوان الله عليهم في الحب سيرة عجيبة نكتفي بهذه العلاقة الحميمة بين عمر وأبي عبيدة رضي الله عنهما فكان الحب والود بينهم لا ينقطع، ويعبران عن ذلك في مناسبات شتى فعمر رضي الله عنه حين يتمنى كل صحابي شيئاً تمنى عمر رجلاً مثل أبي عبيدة، وحين مات أبو عبيدة رضي الله عنه فحَدِّث ولا حرج عن مشاعر الحزن والوجد عند عمر الفاروق رضي الله عنه، ولكن الموقف الأوضح في هذه العلاقة ما قرأته في "الإحياء" عن أن عمرًا رضي الله عنه ذلك الشديد القوي الذي لا يتوانى عن القتال والجهاد، والذي لا يعبأ من عاقب بدرته ما دام قد أخطأ، عمر هذا هو نفسه الذي كان إذا لقي أبا عبيدة رضي الله عنه انتحى به جانبًا من الطريق وجعل أحدهما يقبل يد الآخر - إجلالاً وإكبارًا - ويسمع صوت بكائهما!!

فالثقافة الإسلامية ليس فيها ما يمنع من "الإفصاح" في إطار منضبط من كونه في إطار العلاقات السوية المعلنة، وفي إطار القول الطيب وعدم إشاعة الفاحشة, فلنفصح عن مشاعرنا ولنفتح قلوبنا، فإن كثيرًا من الأوراق تذبل، وكثيراً من المشاعر تموت لأننا لا نزكيها بالذكر، ولا نرويها بالتعبير عنها.

زوجتي عنيدة - لماذا تلجأ الزوجة إلى العناد

(مقتبس من كتاب: الخلافات الزوجية حلول علمية)

عناد الزوجة وتصلب رأيها ومخالفتها الزوج .. كل هذه الأمور تدفع الزوج إلى طريق شائك قد ينتهي بما لا تشتهيه النفوس ، والعناد هو من أكبر المشاكل الزوجية .. تُرى:

لماذا تلجأ الزوجة إلى العناد ؟!!

1-
عناد الزوجة قد يكون طبعاً فيها يضرب بجذوره إلى مراحل حياتها الأولى, نتيجة تربية خاطئة في الطفولة.

2-
تسلط الزوج وعدم استشارته للزوجة في أمور المعيشة وتحقير رأيها أحياناً والاستهزاء به .. يدفع الزوجة في طريق العناد ، فهناك بعض الأزوج لديهم أفكار خاطئة عن خيبة وفساد رأي المرأة وأن مشورتها تجلب خراب البيوت ، وهذه الأفكار فوق أنها حمقاء فهي بعيدة عن هدي الإسلام الحنيف.

وتكفينا هنا الإشارة إلى مشورة امرأة مسلمة كانت سبباً في نجاة المسلمين جميعاً من فتنة معصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ألا وهي أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها في قصة الحديبية .. حينما أشارت على النبي صلى الله عليه وسلم بالحلق والذبح .. فلما فعل ذلك قام المسلمون وجعل بعضهم يحلق بعضاً .. فلا يدعي أحد بعد ذلك بفساد رأي المرأة فذلك سفه منكر .

3-
الشعور بالنقص : وقد يكون هذا الشعور لدى المرأة قبل الزواج نتيجة المعاملة الأسرية لها من أهلها ، والتي لم تتسم بالاحترام والتقدير وبعث الثقة في النفس ، وقد تكون وليدة ظروف الزواج ، فمعاملة الزوج زوجته معاملة قاسية وعدم وضعها في مكان التقدير والاحترام كإنسانة لها حاجات نفسية واجتماعية يجب أن تلبى ، وقد يكون ذلك من أسباب الشعور بالنقص عند المرأة ، فتلجأ لوسيلة العناد للتغلب على هذا الاحساس ، وللشعور بالذات وبالأنا .

4-
عدم التكيف مع الزوج : العناد يأتي نتيجة لعدم التكيف مع الزوج والشعور باختلاف الطباع وتقلبها وعدم تنازل الزوج عن مالا يعجب زوجته وتمسكه بعادات غير صحيحة ، فيكون العناد صورة من صور التعبير عن رفض الزوجة سلوك زوجها جملة وتفصيلا ، وكذا تعبيراً عن عدم انسجامها معه في حياتهما الزوجية .

5-
تقليد الأم : وأخيراً قد يأتي العناد من قبل الزوجة تقليداً لسلوك أمها مع أبيها ، فالمرأة التي نشأت وترعرعت في بيت تتحكم فيه الأم وتسيّر دفته ، تحاول ان تحذو نفس الحذو في بيتها ومع زوجها ، بل وربما تختار الزوج حين تختاره بحيث يكون ضعيف الشخصية ، حتى يسهل لها ماتريد.

العلاج:
يتم علاج العناد عند الزوجة أولاً بتجنب الأسباب المنشأة لهذا العناد ، وإذا كان هذا العناد طبعاً في المرأة فليصبر الزوج وليحتسب وليحاول قدر المستطاع تجنب مواطن النزاع حتى تتخلص الزوجة شيئاً فشيئاً من هذه الصفة ، فالزمن هنا جزء كبير من العلاج إن لم يكن هو الجزء الأكبر ، ومع حب الزوج زوجته وعطفه عليها واحترامها وعدم إهانتها بأي كلمة أو إشارة ، فإنه يكسب
قلبها ويساعدها في مشوار الألف ميل.

همسة في أذن الزوجة العنيدة:
أيتها الزوجة الكريمة : اعلمي أنك بهذا العناد تسعين نحو خراب بيتك بيدك، فالزوج له طاقة ، وقد ينفذ صبره ويركب رأسه وتجنين من وراء فعلك ما تكرهين، ثم إن هذا الذي تفعلينه من عناد زوجك وعدم طاعته لا يقره شرع ولا دين ولا عُرف ، فقد جعل الله سبحانه وتعالى للرجل القوامة على المرأة ، وفرض عليها طاعته ..

قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها – زوجها – دخلت من أي أبواب الجنة شاءت.

وعن حصين بن محصن أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ففرغت من حاجتها ، فقال لها : أذات زوج أنت ؟ قالت : نعم ، قال : كيف أنت له ؟ قالت ما آلوه إلا ما عجزت عنه ، قال : فانظري أين أنت منه ؛ فإنه جنتك ونارك.

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لو كنت آمراً بشراً أن يسجد لبشر ، لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها ، والذي فسي بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها .

وفي وصية أمامة بنت الحارث ابنتها أم إياس عند زواجها : (كوني له أمة يكن لكي عبداً) . وأخرى أوصت ابنتها فقالت : (كوني له أرضاً يكن لك سماءاً) . وفي وصية ثالثة : ( كوني له مهاداً يكن لك نجاداً) ..

ولست أدري ماذا يضير المرأة إن هي أطاعت زوجها ونفذت رغبته ؟! أتظن أن في ذلك انتقاصاً من قدرها ؟! كلا والله .. فما كانت الطاعة يوماً انتقاصاً من قدر الإنسان ، فقد شاءت إرادت الله سبحانه وتعالى أن تسير الحياة وفق قوانين ونواميس ونظم فلابد من رئيس ومرؤوس وتابع ومتبوع ، فالزوج رئيس الأسرة وليس هذا يعني تسلطه أو تجبره أو ظلمه للمرأة ، ولكن يعني أنه موجه لدفة الأسرة ، ومتحمل للتبعات والمسؤوليات، وما من أحد في هذه الحياة إلا يسمع ويطيع للآخر ولو بشكل من الأشكال ..

إن طاعتك لزوجك أيتها الزوجة المسلمة إنما تنعكس آثارها عليك في بيتك، أولاً بحب زوجك وإجلالك وعلو قدرك عنده ، ثم رضا الله عز وجل عنك وهو خير ما يكسب المرء في الدينا.

أزواج يشكون من زوجاتهم

قلما تجتمع النساء ولا تكون الشكوى من الرجل هي القاسم المشترك في أحاديثهن.. الزوج إما بخيل أو نكدي أو عصبي أو لا يشعر بها وبمتاعبها، وزميل العمل يرى أنه أحق بالترقية منها، ورئيس العمل لا يقدر مسئولياتها خارج العمل..

ومع هذا فللرجال أيضًا شكواهم من المرأة، وتصل شكواهم هذه إلى الدكتور "ثروت إسحاق" داخل عيادة التوجيه الاجتماعي بجامعة عين شمس بالقاهرة … وتتنوع هذه الشكاوى كما يؤكد الدكتور "ثروت" بحسب المستوى الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي للرجل من ناحية، وطبيعة العلاقة مع المرأة من ناحية أخرى.

مسرفة ومتحررة:
والشكوى من إسراف الزوجة تكاد تكون الشكوى الأولى للأزواج على اختلاف مستواهم الاقتصادي؛ فزوج الطبقة المتوسطة يشكو زوجته التي تنفق كل دخله؛ فدائما لديها قائمة طلبات لا تنتهي: ملابس للأبناء.. مصيف.. هدايا ومجاملات، ولا تدعه يدخر قرشًا واحدًا من دخله يستطيع أن يفعل به أي شيء، ونفس الشكوى من رجل الطبقة الغنية الذي تتمسك زوجته بتغيير أثاث المنزل سنويًا وشراء سيارة آخر موديل عندما تظهر في الأسواق، وفيلا على ساحل البحر لقضاء الصيف.. بينما يرى هو أنه يمكن الاستغناء عن بعض هذه الأشياء ووضع النقود فيما هو أهم وأفيد.

والشكوى من تحرر المرأة أو الزوجة يتكرر في حالتين؛ الأولى عند أبناء الطبقة العليا؛ حيث يرى الرجل أن زوجته يجب أن تكون قدوة لبناته، ولا تُكثر من الأحاديث التليفونية مع الجنس الآخر، أو الجلوس مع مجموعة من النساء والرجال في النادي.. في الوقت الذي لا يجد فيه حرجًا في القيام بنفس هذه التصرفات، أما الحالة الثانية فتكون فيها شكوى الزوج الذي تربى في بيئة ريفية عندما يتزوج من فتاة تعيش في المدينة ولها أصدقاء وزملاء من الجنسين، وتخرج للعمل، ولا تجد حرجًا في القيام ببعض الأعمال دون الرجوع إليه.

لا تشعر بي:
هذه الصرخة يسمعها الدكتور "ثروت إسحاق" من كثير من الرجال، ومنهم أساتذة الجامعة أنفسهم الذين يترددون على المركز لقربه منهم داخل الجامعة، و الذين يشكون من عدم تقدير زوجاتهم لطبيعة عملهم الذي يقتضي أن يقضي أستاذ الجامعة وقتًا طويلاً في البحث والدراسة والقراءة بعد العودة إلى المنزل، والزوجة تريد هذا الوقت لها وللزيارات العائلية وللتسوق والتنزه معها.. بل إنه فى الطبقات الشعبية يشكو الزوج نفس الشكوى عندما يعود إلى المنزل فيجد زوجته في اشتباك حادّ مع جارتها بسبب الغسيل أو لعب الأطفال مع بعضهم، وعندما تراه تطلب منه التدخل في الشجار، ويتدخل زوج الأخرى، وهكذا يتورط في شجار وخلافات ليس له يد فيها، في الوقت الذي يريد فيه العودة لمنزله للراحة.

وزوج الطبيبة أو أستاذة الجامعة يشكو نفس هذه الشكوى عندما تريد هي تأجيل الإنجاب حتى تنتهي من الدكتوراه أو الماجستير، وقد يكون العكس، يريد هو تأجيل الإنجاب لظروفه الاقتصادية أو غير ذلك، وهي تريد الإنجاب، وفي جميع الأحوال يصرخ.. هي لا تقدر ظروفي ولا تشعر بي.

أما عندما يكون الزوج أكبر من الزوجة بعدد غير قليل من السنوات فلا تنتهي الشكوى ولا ينتهي الشك.. إذا تجملت فهي تتجمل لغيره، وإذا فتحت النافذة فهي تنظر إلى شخص آخر، وإذا ذهبت لعملها فهي لا تشعر به ولا تريد الجلوس معه بعد أن وصل لسن المعاش.
وعندما يكون الزوج والزوجة في نفس مكان العمل يبدأ الزوج في الشكوى من تصرفات زوجته؛ لأنها تتعامل مع رؤسائها وزملائها من الرجال دون العودة إليه، ويغضب إذا طلب منها المدير القيام بأية مهمة دون أن يأخذ منه الإذن، ويفرض نفسه على أي حديث أو أية مشكلة بين زوجته وزميلاتها أو زملائها..

مستغلة و متسلطة:
أما شكوى الرجال من زميلاتهم في العمل فتكون في أنهن دائمًا يردن ساعات عمل أقل لأنهن نساء، والقيام بمهمات أقل في العمل لأنهن سيدات.. أما وقت صرف الأجور فهن أول من يطالب بالمساواة والحوافز والمكافآت.

وإذا كان الرئيس في العمل سيدة فالرجال يرون أنها متسلطة، وأنها غير جديرة بهذا المنصب، وأنها وصلت إليه بطريقة أو بأخرى.. ويشكون دائمًا قائلين: إنه آخر الزمان أن ترأس فيه الرجال سيدة.

ومن أغرب الشكاوى التي يصرخ فيها الرجال عندما تكون الابنة قاسية عليه بعد أن وصل إلى سن كبير، وعندما نبحث عن أسباب تصرف الابنة نجد أنه رد فعل لقهر الأب لها والتفرقة بينها وبين أخيها الذكر أثناء تربيتها الأولى.

أما آخر شكاوى الرجال من النساء فهي شكوى الشباب التي يتهمون فيها الفتيات بأنهن أصبحن ماديات يردن العريس الجاهز، ولا يتنازلن عن المستوى الذي يعشن فيه، وأنهن يحاربن الرجال الشباب في أرزاقهم ... فهن يتقدمن للحصول على الوظائف التي يُعلن عنها بالجرائد، ويحصلن على فرص عمل أفضل بسبب مهارتهن، أو جمالهن، أو ما يمتلكنه من لغات أجنبية استطعن تعلمها مع الدراسة، بينما كان الشباب يذهب لقضاء الإجازة في الرحلات والترفيه.

الزواج من ثانية - وسيكولوجية الرجل الشرقي

أنا شاب أبلغ من العمر 35 عامًا متزوج ولي من الأولاد أربعة، وأحب زوجتي وأسرتي حبًّا جمًّا، وأنا ملتزم دينيًّا والحمد لله، مشكلتي أنني أرغب كثيرًا في الزواج من امرأة أخرى؛ لمجرد التغيير من ناحية، ولأن امرأتي- وبصراحة- لا تكفيني، وهذا الموضوع يقض مضجعي ويجعلني أفكر فيه كثيرًا؛ إلا أن ما يمنعني من تنفيذ رغبتي هذه هو تهديد زوجتي لي بأنها ستتركني والأولاد إذا ما أقدمت على خطوة من هذا النوع.. فما هو الحل برأيكم ؟! وجزاكم الله خيرًا

الجواب
أخي الفاضل: هل فكرت في عدد الرجال الذين يعيشون مثل ظروفك، ويتمنَّون مثل ما تتمنى؟!
إنهم كثيرون جداً؛ فهل يتزوجون ثانية؟ وهل الزواج الثاني يحقق فعلاً "الرغبة في التغيير"؟!
دعني أولاً أبحر معك في سيكولوجية الرجل الشرقي "بعد الزواج"؛ لنكمل الصورة التي بدأناها في إجابة سابقة عنه "قبل الزواج"؛ وهي- بالطبع-صورة عامة لا تنطبق بالضرورة على كل رجل شرقي!

الزيجة الأولى تكون – غالبًا - على غير أساس ناضج في العاطفة والتفكير، فنحن بصدد شاب متهيج - غالباً - يريد أن يضاجع امرأة ليمارس حقه الطبيعي في تلبية الغريزة، ويشيع الاختيار المتعجل من قبل الشباب في هذه الحالة، كما يشيع الاختيار التقليدي إذا كان من طرف الأسرة، وذلك لأن الشاب في هذه الظروف يبحث عن "أية امرأة" أحيانًا، أو عن "امرأة جذابة" أحيانًا أخرى، وفي كل الأحوال لا يعطي الاختيار حقه من الوقت والتفكير، بل يستسلم لعموميات من قبيل "ذات الدين"، و"الأسرة الطيبة"…. إلخ.
وجانب من هذا أمر متوقع لأن الأغلبية ليست لديهم أية معرفة أو خبرة علمية أو اجتماعية بعالم النساء، وبالتالي تضعف أو تنعدم القدرة على الاختيار السليم، ويكون الاندفاع وقد يترك الشاب المسألة لأهله الذين يختارون بناءً على وجهة نظرهم وإدراكهم ورغباتهم الاجتماعية والعائلية والمادية أحيانًا، والنتيجة أننا نخرج عذراءً من خدرها ونقول لها: هيا جاءك العريس الزين، وعليك أن تقومي بواجباتك نحوه.

وتأتي الفتاة الطيبة لتصبح زوجة: امرأة / أنثى، وأمًّا وربة منزل، تعطي بضعها لبعلها بكلمة الله وتنثر له بطنها بالعيال، وتقوم على شئون بيته بما تعلمت وتتعلم، وتتغير فتاة الأمس التي كانت عروساً تخجل، ويذهب ذاك البطن المشدود، والصدر الناهد، والقوام الممشوق، ولم يذهب كل هذا بمرض أو غيره، إنما ذهب على آدم، وعلى عياله وبيته.
ويتغير آدم أيضاً: يصبح أنضج، وأغنى - ربما - وأكثر علمًا ومعرفة بفضل حياة شاركت فيها زوجته بنصيب وافر، وفي لحظة - منتصف العمر غالبًا - تلوح منه التفاتة لنفسه، ولما حوله، فيقول: ما هذا الذي فعلته بنفسي: أطفال ومسئوليات، وزوجة مكدودة النفس، مترهلة الجسد، وأنا أيضاً مرهق، وأريد من يحفف عني، أنا أشعر بالرتابة الجنسية، وأحس بالملل، وتتراقص حوله الدمى، وتلوح أمامه العذارى ممشوقات فيقول لنفسه: لقد أحل الله مثنى، وثلاث، ورباع، فلماذا لا أفعلها ثانية؟! خاصة في الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تسمح بذلك.

وأقول لآدم الشرقي: نعم.. الزواج الثاني سيعطي شعورًا بالتغيير، ولكن أخشى أن حلاوته تنقضي سريعًا ليكتشف آدم أنه كان تغييرًا إلى الأسوأ من حيث التأثير على البيت الأول، ومن حيث شُحِّ العائد في مقابل التكاليف الباهظة ماديًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا وأسريًّا.

إن التعدد في الإسلام موضوع يحتاج إلى وقفة لفهم فلسفته ومعانيه، وأدعو الله أن يرزقني الوقت والفرصة لبسط الحديث فيه، ولكنني أيضًا أنقل لك رأي زميلي د. عمرو في حالتك الخاصة.
يقول د. عمرو: هل قلَّبْتَ سؤالك على كل الوجوه؟.. هل وزنت الإيجابيات التي ستحصل عليها؟، والتي قصرتها في سؤالك على الرغبة في التغيير وعدم الكفاية الجنسية للزوجة، والرغبة في الحصول على هذه الكفاية بما سيترتب على ذلك من هدم لبناء أسرتك القائمة فعلاً والمكونة من الزوجة والأولاد الأربعة (حيث إن الزوجة أعلنت أنها لا تقبل بهذا وستتركك وأولادك وهذا حقها الذي لا ينكره عليها أحد)، فهل ترى أن إشباع رغبتك في التغيير واكتفاءك الجنسي المحتمل يساويان أن تهدم هذا البيت بأعضائه الخمسة والذي تمثل أنت فيه عضوًا واحدًا فقط ؟! وهل يُقْبَل أن يُضَحِّي عضو بمصالح كل الأعضاء من أجل مصلحته هو فقط؟! خاصة وأنه ليس أي عضو؛ إنه العضو القائم على هذه الأسرة بالحماية والرعاية.. يا أخي أنت قَيِّم هذه الأسرة بنص القرآن، وأنت راعيها بنص الحديث الشريف، فهل تستقيم هذه المسئولية الكبرى مع هذا التفكير الأحادي الذي لا يرى غير مصلحة صاحبه وحسب؟!، إننا لا نحرم حلالاً أو نضيق واسعًا؛ ولكننا بصدد حالة خاصة نتعامل معها بما لدينا من معلومات… نحن بصدد عائلة سعيدة على حسب قولك لا يكدّرها إلا رغبة عائلها في التغيير والاكتفاء الجنسي (خاصة وأن زوجتك ليست عاجزة عن إعطائك حقوقك)، وزوجة ترفض هذا الوضع، وأولاد أربعة لا ذنب لهم فيما حدث أو سيحدث.. ألم تسأل نفسك عن مقدار ما تعطيه لأولادك الآن من رعاية واهتمام وعمَّا ستعطيهم مع غياب أمهم وانشغالك بزوجتك الثانية؟!!

إن السعادة في الدنيا ليست في حصول الإنسان على كل ما يريد ولكن السعادة في أن يَرْضَى بما قسم الله له.
إن الشجرة المحرمة في الجنة هي رمز لكل شيء ينقص الإنسان فلا يرى من الجنة أو من حياته إلا ما ينقصه، فيسعى إليه ظنًّا منه في الخلود، فإذا ما وصل إليه خرج من الجنة: خرج من الحياة السعيدة التي لم يشأ أن يرضى بها، ولكنه أدرك بعدها مقدار ما لحق به من خسارة.

يا أخي ..جدد حياتك مع زوجتك إذا كنت تسعى للتغيير؛ فمن قال لك إنها هي الأخرى لا تسعى للتغيير، ولتكن المبادرة منك،..إذا أردت التغيير "جَدِّد حياتك الجنسية، وكن صريحًا مع زوجتك واطلب منها ما تريد وعلِّمْها وتعلم معها، وأنا واثق أن في حياتكما الجنسية مساحات لم تطرقاها ولم تتعرفا عليها بعد؛ فأعيدا التعرف على بعضكما في هذه المسألة وستجدان عجباً!! وكن أنت المبادر.. اعتبرها الزوجة الجديدة وعش معها شهر عسل جديداً وستجد تجاوبًا مثمرًا بإذن الله.

أعانك الله على أولادك الأربعة ورزقك القناعة بزوجتك، ولا تنسَ دعاء عباد الرحمن: "رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِيْنَ إِمَامًا". (انتهى)
وأعود لأقول لك: إذا جاءت زوجتك لتقول لك لقد سئمت، وأريد التغيير، أريد رجلاً آخر "من باب التغيير" فماذا سيكون موقفك؟! أليس ذلك من حقها؟!!
فحق تَعَدُّد الزوجات للرجل يقابله حق المرأة في أن يتركها زوجها حين تريد أن تتركه؛ لأنها لا يمكن أن ترتبط بزواج من رجلين في وقت واحد.

وأسألك: هل جلبت لزوجتك من يتحمل عنها شئون البيت من طبخ وغسيل وغيره لتتفرغ لك و"تكفيك"؟!! هل تعلمت وعلمتها فنون الإمتاع والاستمتاع لتنعم معها بحياة جنسية أفضل؟!!
هل تعلم بالمناسبة أن زوجتك الآن، وفي السنوات القادمة هي في قمة نضجها الجنسي طلبًا وعطاءً طبقًا للمصادر العلمية الموثقة؟!، بمعنى أنها أقدر على إشباعك، وإرواء شهوتك - إن فقهت وعلمتها - من فتاة صغيرة لا خبرة عندها.. والمفارقة أن آدم الشرقي يخوض تجربة الزواج بالقليل من المعرفة والخبرة، وبعد التجريب، والتعلم من الأخطاء - إذا تعلم - يخرج بنتيجة غريبة مؤداها أن الحل هو الدخول في تجربة زواج جديدة !!

أخي العزيز: افعل كما يفعل الحكماء من الرجال، "الذين شعارهم "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين")، واحلم معهم بزوجة مثالية لا تغيض ولا تبلى، لا تحمل، ولا تلد، ولا تمرض، ولا تبيد، احلم ـ حين ترى الجمال البشري ـ بمن يُرَى مُخِّ ساقها من خلال سبعين ثوباً لبياضها وجمالها، واحلم بمن أنشأهن الله إنشاءً فجَعَلَهُنَّ أبكارًا، عُربًا أترابًا لأصحاب اليمين، احلم بالنساء الحقيقيات الكاملات.. أما إن آثرت غير طريق الحكماء فارْضَ بالنقص في الجديدة كما في الزوجة الأولى، وابحث عن الإشباع عندها، وسوف تمل، لأن النقص والملل من العوارض التي لا يخلو منها إنسان، وأوصيك إذا فكرت في الزواج الثاني أن تكون جاهزًا للرد أمام من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، لأنه سيسألك، وأخشى أن ما تسوقه من حجج يبدو واهيًا ومتهافتًا لا يصمد لنقاش بشري، فكيف بالموقف العظيم؟!

يا أخي العزيز.. تذَكَّر موقفك أمام الله تدافع عن اختيارك هذا ونتائجه، وفكر في هذا حتى لو رَضِيَت زوجتك بزواجك وقبلت؛ لأنها لو فعلت فستكون المسئولية كلها في هذا الفعل وتداعياته عليك، اتَّقِ الله واعلم أن له ميزانًا قد يختلف الناس عنه رضوا أو سخطوا وميزان الله أعدل .. وأدق .. وأهم.

واهجروهن في المضاجع

بعث أحدهم يسأل عن أن الهجر في المضجع ربما يكون عقوبة للرجل وليس للمرأة؛ خاصة في حالات برود الزوجة الجنسي الناتج عن الختان مثلاً! وطلب السائل إجابة من متخصص.
والسؤال لفت أنظارنا كأطباء، ودفعنا للتأمل في القضية من زوايا عدة. بدأنا بالعودة لكتاب الله ثم بسطنا رؤيتنا المتخصصة كأطباء نفسيين نتعامل مع الجسد والنفس.

إطلالة في كتب التفسير:

في "تفسير الجصاص" : "قال ابن عباب وعكرمة والضحاك والسدي: المقصود بالهجر: هجر الكلام. وقال سعيد بن جبير: هجر الجماع. وقال مجاهد والشعبي: هجر المضاجعة. [تفسير القرآن وأحكام القرآن للجصاص، ج2 ص189].
وفي تفسير القرطبي : "الهجر في المضاجع هو أن يضاجعها ويوليها ظهره ولا يجامعها، عن ابن عباس وغيره.

وقال مجاهد: جنبوا مضاجعهن" [تفسير القرطبي أحكام القرآن، ج5 ص171].

وفي تفسير الرازي: "فإن أصرّت على النشوز؛ فعند ذلك يهجرها في المضطجع وفي ضمنه امتناعه من كلامها.

قال الشافعي: ولا يزيد في هجره الكلام ثلاثًا، وأيضًا إذا هجرها في المضطجع، فإن كانت تحب الزوج شقَّ ذلك عليها فتترك النشوز، وإن كانت تبغضه وافقها ذلك الهجران، فكان ذلك دليلاً على كمال نشوزها". [تفسير الرازي، ج10 ص90].

في تفسير المنار: لا يتحقق هذا بهجر المضجع نفسه وهو الفراش، ولا بهجر الحجرة التي يكون فيها الاضطجاع، وإنما يتحقق بهجر في الفراش نفسه. وفي الهجر في المضطجع نفسه معنى لا يتحقق بهجر المضطجع أو البيت، لأن الاجتماع في المضطجع هو الذي يهيج شعور الزوجية فتسكن نفس كل من الزوجين إلى الآخر، ويزول اضطرابهما الذي أثارته الحوادث قبل ذلك. فإذا هجر الزوج زوجته وأعرض عنها في هذه الحالة احتمل أن يدعوها ذلك الشعور والسكون النفسي إلى سؤاله عن السبب ويهبط من نشز المخالفة إلى مستوى الموافقة. [تفسير المنار، ج5 ص73].

ويقول د/عبد الكريم زيدان في "المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم": الراجح في معنى الآية هجرها في المضجع نفسه، أي هجرها في مكان النوم الذي ينامان فيه عادة؛ بأن يوليها ظهره ولا يجامعها ولا يكلمها إلا بقدر قليل جدًا حتى لا يضطر إلى كلامها إلا بعد ثلاثة أيام، لأنه لا يجوز عدم كلامها أكثر من ثلاثة أيام.
ولأن هذا الهجر في فراش النوم وعدم جماعها وعدم التحدث معها إلا قليلاً يُشعر الزوجة بجدية الزوج في تصرفه وهجره لها، وأن هناك ما يزعجه منها حقًا إلى درجة أنه لا يرغب في وطئها وهي في فراش النوم، وأنه قادر على حبس نفسه عن وطئها وقد يُحملها ذلك كله على ترك نشوزها والرجوع عن عصيانها.

رؤية الطب النفسي:
لنستعرض سريعًا مراحل اللقاء الجنسي كما ذُكرت في التصنيف الأمريكي الأخير للأمراض النفسية اهتداءً بما قرره "ماستر وجونسون" في دراستهما الشهيرة:
1 -
المرحلة الأولى: مرحلة الرغبة، وهي توصف بأنها مرحلة تعبر عن دوافع الإنسان وأشواقه وشخصيته، وأنها تتميز بالخيالات الجنسية والرغبة في ممارسة الجنس.
2 -
المرحلة الثانية: مرحلة الإثارة، وهي تتكون من شعور شخصي [ذاتي] بالنشوة الجنسية، وتكون مصحوبة بتغيرات فسيولوجية.
3 -
المرحلة الثالثة: مرحلة ذروة المتعة، وهي تتميز بالوصول لقمة النشوة الجنسية.
4 -
المرحلة الرابعة: مرحلة الاسترخاء، وتتميز بالإحساس العام بالراحة.

فالعامل النفسي يكاد يكون القاسم المشترك لكل المراحل إن لم يكن هو العامل الأساسي.
وكأن النصوص التي ذكرناها سابقًا إذا توازت مع تلك المراحل الأربع تتحدث عن الهجر على مقصودات ثلاث:

هجر المضاجعة: أي ترك النوم مع الزوجة في فراش واحد.

هجر الجمـاع: أي النوم معها في نفس الفراش، ولكن دون جماع عمدًا.

هجر الكــلام: وهو إضافة عدم الكلام إلى عدم الجماع والمضاجعة.
وفي هذا رد مبدئي على السائل الذي وكأنه يرى أن للجنس جانباً واحداً هو الجسدي البيولوجي، بينما الجنس عملية شديدة التركيب يتداخل في إنجازها الجسدي مع النفسي، والروحي مع المادي بشكل يضيق المقام عن التفصيل فيه.

وكما يبدو فإن سلفنا الصالح قد فهموا هذا التركيب حتى اعترض بعضهم على "العزل" - وهو أن ينزل الرجل ماءه خارج مهبل زوجته -، لأنه يؤذي المرأة "نفسيًا".
والأبحاث العلمية الحديثة تؤكد على الدور الكبير للناحية النفسية في العلاقة الجنسية، ودور الاضطراب النفسي في غياب التوافق الجنسي.
بل إن هذه الأبحاث ترسم منحنى لمراحل اللقاء الجنسي يتوازى فيها الانفعال النفسي مع الأداء الجسدي، ويتكامل معه، بحيث إن أي خلل في أحدهما يؤثر على الآخر، ومن المعروف أن الأمراض النفسية مثل الاكتئاب والقلق بأنواعها تؤثر على الأداء الجنسي للزوجين بشكل قد يصل إلى الفشل الكامل، ولذا أصبح باب الاضطرابات الجنسية من أهم الأبواب التي يتواصل تضخمها في مكانها وسط فروع تخصص الطب النفسي.

وعليه فإن الهجر في المضاجع ليس عقابًا جسديًا، كما نجد في اعتقاد الكثيرين، بل هو تعبير نفسي جسدي يقول به الرجل لزوجته: إنه لا يرغب في معاشرتها لما بدر عنها مما اعتبره هو "نشوزًا"؛ حتى إن غضبه منها غلب رغبته فيها، وسكنه إليها. لأنها لما لم تطعه، أو بدر منها ما خاف معه نشوزها أصبح هذا متنافيًا مع معنى السكن الذي هو من لوازم ومقاصد الحياة الزوجية فكأنه يقول لها: لا يمكن أن يسكن الإنسان لمن يغضبه، ويعبّر عن هذه الحالة من "عدم السكن" تعبيرًا معنويًا بعدم الكلام أو الملاطفة، وتعبيرًا ماديًا بهجر الجماع أو الفراش أو هجرهما معًا.

وهو أيضًا يسألها بهجره هذا: هل تريدين الاستمرار أم لا؟!

"
فإن كانت تحب الزوج شق ذلك عليها فتترك النشوز، وإن كانت تبغضه وافقها ذلك الهجران، فكان ذلك دليلاً على كمال نشوزها".
ولا يبعد أن في الهجر ألماً للرجل أيضًا، لكنه حين يتخذ القرار بالهجر لا بد أن يعرف أنه يختار أخف الأضرار بين ألم مؤقت-إذا انصلح الحال- وبين ألم أشد بالحياة مع زوجة لا تريده، ولا تطيعه، أو فراقها للأبد وفي هذا خراب للبيت، ومعاناة للأطفال، وبالتالي ألم للنفس. إذن.. الهجر في المضجع تدبير وقائي صعب يُستخدم للضرورة، وهو يحمل تصعيدًا للخلاف، ونقله في العلاقة الزوجية، فالأصل أن الخلافات تحل بالحوار الذي قد يصل إلى الوعظ أو الزجر، وهو ما تحدثت عنه نفس الآية، لا الهجر والخصام، واللجوء إلى هذا التدبير يعني أنه "لم يعد يجدي الكلام"، فليحذر الأزواج والزوجات أن يصل الوضع بينهما إلى هذه الدرجة، لأن الدخول فيها أو الخروج منها صعب على الطرفين.

وقد يكون في الهجر فرصة للرجل أن يُراجع نفسه وموقفه لعل ما بدر من زوجته لم يكن يستحق الهجر فيعود إلى الوعظ والكلام، أو أنها كانت تستحق الهجر وزيادة، وعندها ينتقل إلى التدبير التالي وهو الضرب…وهو مبحث آخر يستحق النقاش.

ولنا -من قبل ومن بعد- في رسول الله أسوة حسنة فهو قد غضب من زوجاته غير مرة، وقد فعلن ما أثار غضبه مرات، ولكنه -صلى الله عليه وسلم- لم يهجر إحداهن أبدًا على فعلٍ أغضبه، إلا بأمر من الله في موقف التوسعة في النفقة، ونحسب أن الذي يهجر زوجته لغير ضرورة قصوى تجعل الهجر أخف الأضرار يكون مخالفًا لسنة رسول الله الفعلية، وسيرته العملية.

المطلقة - هل هي نصف امرأة ؟

الأطفال فريسة الصراع:
المرأة أمٌّ وليست أَمَة، مربية وليست خادمة، شريكة عمر لا رفيقة درب عابر، والرجل هو ربَّان السفينة، يفترض ألا يعرضها لهوج الرياح، ونتوء البحار وإلا حطمها بمن فيها، وشتَّت أفرادها؛ فها هم الأطفال قد وقفوا والصدمة تكاد تقتلهم بعدما فقدوا معاني الإحساس بالأمن والحماية والاستقرار، وباتوا فريسة صراعات بين والديهم حول تبعيتهم التي قد تتجاوز حدود المعقول؛ حيث يتسابق كل منهما ليكسب الطفل إلى جانبه، ولو أدى ذلك إلى استخدام الوسائل الجذابة كالرشوة أو التجسس أو تشويه صورة الآخر. هنا تتحطم الصورة المتوازية لتركيبة الزوجين في ذهنية الطفل، الأمر الذي يجعله يفقد الثقة بالاثنين معاً، وقد يضيق ذرعاً بهذا الوسط الذي يعيش فيه محكوماً بخبرات سيئة؛ فيبدأ في البحث عن وسط جديد علّه يجد فيه تعويضاً عمَّا فقده من حب وحنان، مما يعرضه أحياناً إلى رفاق السوء الذين يقودونه إلى عالم الجريمة والانحراف.

فقد "السترة":
أما الزوجة، فتعود حاملة جراحها وآلامها ودموعها في حقيبتها، وكونها الجنس الأضعف في مجتمعنا التقليدي فإن معاناتها النفسية أقوى من أية معاناة؛ إذ إنها وبحكم التنشئة الاجتماعية واقتناعها أن الزواج ضرورة لا بد منها؛ لأنه "السترة" بالمفهوم التقليدي، فإنها بطلاقها تفقدها، وتصبح عرضة لأطماع الناس وللإتهام بالانحرافات الأخلاقية نظراً للظن بعدم وجود الحاجز الجنسي الفسيولوجي (العذرية) الذي يمنعها من ذلك(!)، وهي ليست مسئولة فقط عن انحرافها بل عن انحراف الرجل أيضاً؛ لأنها أصل الفتنة والغواية؛ لذلك عرّف مجتمعنا جرائم الشرف ضدها وجعلها مرتبطة بالمرأة فقط.

المطلقة عبء اجتماعي!!
وينظر المجتمع إلى المطلقة نظرة ريبة وشك في تصرفاتها وسلوكها؛ لذا غالباً ما تشعر بالذنب والفشل العاطفي والجنسي وخيبة الأمل والإحباط، مما يزيدها تعقيداً ويؤخر تكيفها مع واقعها الحالي، فرجوعها إذن إلى أهلها وبعد أن ظنوا أنهم ستروها بزواجها، وصدمتهم بعودتها موسومة بلقب "مطلقة" الرديف المباشر لكلمة "العار"، فإنهم سيتنصلون من مسئولية أطفالها وتربيتهم ويلفظونهم خارجًا؛ مما يرغم الأم في كثير من الأحيان على التخلي عن حقها في رعايتهم إذا لم تكن عاملة أو ليس لها مصدر مادي كاف؛ لأن ذلك يثقل كاهلها ويزيد من معاناتها، أما إذا كانت عاملة تحتك بالجنس الآخر أو حاملة لأفكار تحررية فتلوكها ألسنة السوء وتكون المراقبة والحراسة أشد وأكثر إيلاماً.

وتؤكد دراسات ميدانية اجريت مؤخرا أن أكثر من 90% من المطلقات عُدْن إلى بيوت أهلهن بعد طلاقهن، مما شكل عبئاً آخر على ذويهن؛ لأنه من الصعب على المرأة المطلقة في مجتمعنا أن تستقل في بيت منفرد (حتى لو كانت قادرة)، فمكانتها الجديدة محكومة بعادات وتقاليد قاسية من الصعب أن تفك نفسها منها بسهولة، فالأسرة االمسلمة ترى أنه من العيب أن يكون بين أفرادها مطلقة؛ لذا نجد ملل أهلها منها، وفي حالات قليلة الشفقة والعطف، ورغم أن التعاليم الدينية شرعت الطلاق واعتبرته حقًّا من حقوق الرجل إلا أن المجتمع وضع في الغالب اللوم على المرأة في انهيار الأسرة لأنها كان يجب أن "تصبر"؛ لذا نجدها تجابه سلسلة من المشكلات تتمثل في تغيير نظرة الآخرين لها كأنثى وامرأة فاشلة، مقيدة في حركاتها محسوبة خطواتها؛ وهي تستطيع أن تمحو الاسم الذي علق بها "مطلقة" بكل ما تعنيه هذه الكلمة في شرقنا العربي الذي يُعَدُّ بمثابة إعدام امرأة أو اغتيال سمعتها، ولا هي لملمت جراحها وتجاوزت آلامها؛ لذا نجد عدداً من المطلقات يرفضن حتى التعويضات المادية المترتبة على الطلاق: "إذا ما كنتش بكيت على الجمل هابكي على قيده؟!" كما ورد في إحدى الدراسات الميدانية على لسان إحدى المطلقات.

مراحل لتكيف المطلقة مع واقعها:
ومع أن الطلاق في كثير من الأحيان وبالنسبة للمرأة خلاصاً من زوج تعيش أتعس أيام حياتها تحت سمائه، فالمرأة لا تلجأ إلى الطلاق إلا بعد أن تصل ذروة اليأس والفشل والألم، وتحتاج إلى فترة تطول أو تقصر ليعود لها التوافق النفسي؛ وأوضحت دراسات ميدانية عديدة أن عملية التوافق النفسي تمر بثلاث مراحل:
1.
مرحلة الصدمة: حيث يعاني المطلقون من الاضطراب الوجداني والقلق بدرجة عالية.
2.
مرحلة التوتر: يغلب عليها القلق والاكتئاب وتتضح آثارها في الأساس بالاضطهاد والظلم والوحدة والاغتراب والانطواء والتشاؤم وضعف الثقة بالنفس، وعدم الرضا عن الحياة.

3.
مرحلة إعادة التوافق: وفيها ينخفض مستوى الاضطراب الوجداني، ويبدأ المطلقون إعادة النظر في مواقفهم في الحياة بصفة عامة، والزواج بصفة خاصة.

ولا شك أن لعملية الطلاق آثار سلبية على الأسرة كاملة، بل إنها عملية مؤلمة نفسيًّا، وتوافق الفرد مع الطلاق يرتبط بمدى استعداده لمناقشة هذا الموضوع، والمقصود بالسلوك التوافقي: هو السلوك الموجه من الفرد عن وعي وإدراك للتغلب على العقبات والمشكلات التي تحول بينه وبين تحقيق أهدافه وإشباع حاجاته، ويتم ذلك عن طريق تعديل الفرد لذاته وبيئته؛ ليتحقق له الانسجام مع بيئته بشكل يحقق له الرضا الذاتي والقبول الاجتماعي ويخفض توتراته وقلقه وإحباطاته. وتحتاج المرأة في الفترة التالية لأزمة الطلاق إلى فترة تعيد فيها ثقتها بنفسها، وإعادة حساباتها، والتخلص من أخطائها وتعديل وجهة نظرها نحو الحياة بصفة عامة والرجال بصفة خاصة، وتعويض الحرمان وشغل الفراغ الذي خلفه ترك زوجها لها وحيدة خاصة إذا كانت لا تعمل، فالتغلب على ما تعانيه من صراعات نفسية تولدت عن تجربة الفشل التي عاشتها نتيجة لتغير النظرة إليها، وانخفاض مفهوم الذات لديها، وكذلك لما مرَّ بها من حرمان ومآسي طوال حياتها الزوجية الفاشلة أمر غاية في الصعوبة. كما أن المرأة التي ما زالت تحت زوجها وليست مستعدة للطلاق تحتاج وقت أطول كي تستعيد توافقها.

وبعد الطلاق:
الآن وبعد الطلاق، وبعد أن تهدأ النفوس بعامل الفراق وعامل الزمن تبحث الزوجة عن رفيق جديد للحياة وتصدمها الحقيقة المُّرة وهي أن الرجال غير مستعدين - في شرقنا العربي- أن يتزوجوا امرأة لم تستطع في تجربتها الأولى أن تكسب ودَّ زوجها فيحتفظ بها، فطلقها، أو أصرت هي على الطلاق.

وتصدمها الحقيقة الثانية وهي مشكلة الأولاد فمن من النساء من ترضى أن تتخلى عن أولادها وتخدم أولاداً غير أولادها إن هي تزوجت رجلاً أرمل أو مطلقًا مثلها – لن يتمكن من سد حاجيات أطفاله وأطفالها معاً - بالإضافة إلى غيرته من هؤلاء الأطفال كلما رآهم؛ لأنهم يذكِّرونه دائماً بأن أمهم كانت لرجل قبله.

وتصدمها الحقيقة الثالثة وهي أن أهل المطلقة نفسها ومحيطها لا يقبلون لها حياة العزوبية للاستقرار أولاً وخشية كلام الناس ثانيًا، فالمرأة المطلقة لا مكان لها وبخاصة إذا كانت شابة جميلة، ذلك أن المجتمع ربَّى المرأة على فكرة ثابتة وهي أن الجمال الجسماني هو كنزها، فتحول جسدها إلى إطار ذهني وأصبح الشغل الشاغل للرجل جمال المرأة؛ لذا يسارعون في تزويجها قبل أن تلتئم جراحاتها النفسية وفي كثير من الأحيان يجبرونها على ذلك.

أما إذا حدث الطلاق وقد تقدم بها العمر فلا فرصة أمامها للزواج ثانية، ذلك أن الرجل كما أسلفنا يتزوج صغيرة السن والجميلة؛ "لأن الجميلة تُصبي من يتزوجها" كما يقولون. أما الأخريات فينظر إليهن كسلعة تم استهلاكها وقد نجد بعض المطلقات ممن يحتفظن بأبنائهن، ويرفضن الزواج فتكون المسؤولية الملقاة على عاتقهن ثقيلة بالإضافة إلى كثرة الضغوط النفسية والقيود التي تحيط بهن؛ إذ على الرغم من كل هذه التضحيات إلا أن المجتمع لا زال ينظر إليهن نظرة دونية؛ لأنها امرأة أولاً ومطلقة ثانياً، كل هذا قد يدفعها السير "بالدفع الذاتي" في الحياة مكبلات بالوحدة والفراغ النفسي والروحي ويتقوقعن على أنفسهن.

فمتى سندرك أن الطلاق بحالته الصحيحة ليس وصمة عار على جبين المرأة بل قد يكون نهاية سعيدة لحياة شقية ومرهقة؟

كلمة = حياة:
خطورة موضوع الطلاق حينما يُفهم على أنه لعبة يلهو بها الرجل، وأن الحياة الزوجية لا قداسة لها ولا احترام، فيخرج الطلاق عن الغرض الذي أباحه بسببه الباري عز وجل، واعتبره أبغض الحلال، فالله تعالى يريد للحياة الزوجية دواماً واستقراراً، ولكن بشرط أن يكون ذلك محققاً لقدر من السعادة تسير الأسرة في ركابه. ولكن عندما يعني استمرار الحياة الزوجية تدميراً لسعادتها، وعندما تنقطع كل رابطة مقدسة، وتُسْتَنفد كل سبل الإصلاح يصبح أبغض ما أحل الله هو الحل؛ تماماً كالطبيب لا يلجأ إلى إجراء عملية جراحية إلا عند الضرورة القصوى، فلا يجوز للرجل أن يهدد زوجته كلما تعكَّر الجو بينهما: أنتِ طالق!! ولا أن تهدد المرأة زوجها كلما لاحت بادرة خلاف: طلِّقني!! فذلك خروج عن جادة الصواب؛ لأن الصواب أن الطلاق لم يُشْرَع ليتلهى به اللاهون، ويعبث به العابثون، وإنما بعد استنفاد جميع وسائل التفاهم والإصلاح والعتاب، وبعد تدخل الحكام لإصلاح ذات البين من أهل الزوج أو الزوجة، وإلا فإلى دفتر المأذون ليفكَّ عرى ما وُثِّق.

فلا تقل أنتِ... ؟ إلا إذا تعذر لك العيش مع زوجتك وأسرتك، وإلا تكون قد هدمت بيتك بيديك وشردت أطفالاً لا ذنب لهم إلا أنهم أطفالك.

ولا تطلبيه سيدتي..لا.. لا تطلبيها: طلِّقني ؟!! إلا إذا تعذر عيشك مع زوجك، وإلا تكون قد شردت أطفالك لتعيشي في مجتمع لا يرحم. فالطلاق حلال لكنه أبغض الحلال.

وزيارة قصيرة إلى إحدى المحاكم الشرعية لنرى بأم أعيننا المآسي والمآسي العائلية التي تتجاوز العشرات كل يوم والمطروحة على المحاكم، ولتجعلنا نفكر بعمق قبل أن نلجأ إلى هذا الحل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق